فصل: (الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالشَّهَادَةِ فِي الشُّفْعَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ):

وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيْنَ كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي لَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالذَّخِيرَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَة أَنْ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ.
دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَقَرَّ الشَّفِيعُ أَنَّ دَارِهِ الَّتِي بِهَا الشُّفْعَةُ لِآخَرَ فَإِنْ كَانَ سَكَتَ عَنْ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَطْلُبْهَا بَعْدُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلِلْمُقِرِّ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ):

إنْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي تَسْلِيمِ السَّاحَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نُقْصَانٌ بِالْأَرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ، وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ إدْرَاكَ الزَّرْعِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
ثُمَّ إذَا تَرَكَ الْأَرْضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْرُكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَصُورَتُهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَزَرْعَهَا فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا اشْتَرَى الْمَزَارِعُ الْأَرْضَ مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرْعَهَا فَنَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ، يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْضِ نَاقِصَةً وَعَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ اشْتَرَاهَا فَيَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اشْتَرَى دَارًا وَصَبْغَهَا بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَهَدَمَ بِنَاءَهَا أَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ.
مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا، وَإِذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ مَهْدُومًا؛ لِأَنَّ بِالْهَدْمِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْهَادِمِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ خَمْسَمِائَةٍ فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَالثَّمَنُ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ ثَلَثَمِائَةٍ أَثْمَانًا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِخَمْسَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَلَوْ احْتَرَقَ الْبِنَاءُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ السَّيْلُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لَهُ ثَمَنٌ وَلَوْ لَمْ يَهْدِمْ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ وَلَكِنْ بَاعَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا وَإِنْ شِئْت فَدَعْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ، وَكَذَا إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَكَذَا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَهْلِكْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ نَزَعَ الْمُشْتَرِي بَابَ الدَّارِ وَبَاعَهُ تَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَغَرَقَ نِصْفُهَا فَصَارَ مِثْلَ الْفُرَاتِ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا يُسْتَطَاعُ رَدُّ ذَلِكَ عَنْهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِذَا اشْتَرَى فَوَهَبَ بِنَائِهَا الرَّجُلُ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهَدَمَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبِنَاءِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهْدِمْ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ وَاشْتَرَطَ ثَمَرَةً فِي الْبَيْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ أَجْمَعَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ جَاءَ، وَقَدْ جَذَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالثَّمَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَمَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ، وَقِيلَ لَهُ خُذْ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِمَا إنْ شِئْتَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا الشَّفِيعُ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَأَكَلَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَدْ وَقَعَ وَلَا ثَمَرَةَ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَوْ جَدَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ احْتَرَقَتْ أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ فَهَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي صَرَمَ الثَّمَرَ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ أَصَابَهُ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهِ أَوْ نَارٌ فَاحْتَرَقَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا أُبَالِي هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا انْفَصَلَتْ سَقَطَ حَقُّ الشَّفِيعِ عَنْهَا فَكَأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مُنْفَصِلَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّخْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمَّا حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِهِ جَذَّهَا ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِأَنْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهَا أَوْ وَقَفَهَا وَقْفًا أَوْ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً وَدَفَنَ فِيهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَنْقُضَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ صَحِيحٌ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَأَنْ يُؤَجِّرَ، وَيَطِيبُ لَهُ الثَّمَنُ وَالْأَجْرُ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَهْدِمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ كُلَّ التَّصَرُّفِ إلَّا الْقَبْضَ وَمَا كَانَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِيُعِيدَ الدَّارَ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ لَا يَكُونُ لَهُ، ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ حَظَّهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِقِسْمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ قِسْمَتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ وَلَهَا شَفِيعٌ ثَالِثٌ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ اقْتَسَمَاهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَفَعَ مِنْهَا التُّرَابَ وَبَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِ التُّرَابِ وَعَلَى قِيمَةِ التُّرَابِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ قِيمَةُ التُّرَابِ.
وَقَالَ الْقَاضِي الْأَمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةُ النُّقْصَانِ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَبَسَ الْأَرْضَ بَعْدَ مَا رَفْعَ مِنْهَا التُّرَابَ فَأَعَادَهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الشَّفِيعُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي ارْفَعْ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَحْدَثَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِشَفِيعٍ وَقَاسَمَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَقَدِمَ الشَّفِيعُ، وَنَصِيبُ الْبَائِعِ بَيْنَ دَارِ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَبْلَ طَلَبِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ الْأُولَى ثُمَّ طَلَبَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ الْأَخِيرَةِ جَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَارَ جَارًا لِنَصِيبِ الْبَائِعِ كَالشَّفِيعِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَإِنْ بَدَأَ فَقَضَى بِالْأُولَى لِلْأَوَّلِ قَضَى لَهُ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَوَّلِ فَخَاصَمَ فِيهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا أَخَذَهُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ نَاقَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ شِرَاءَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ نَاقَضَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ فَزَادَهُ فِي الثَّمَنِ أَلْفًا فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَلْفَيْنِ بِقَضَاءٍ أَبْطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَهَا بِرِضًا كَانَ الْأَخْذُ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ فَلَمْ يَبْقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَوْصَى الْمُشْتَرِي لِإِنْسَانٍ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ الْوَصِيَّةَ وَيَأْخُذَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فِيهَا بُيُوتٌ وَأَشْجَارٌ وَنَخِيلٌ ثُمَّ إنَّهُ بَاعَ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ فَقَطَعَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْأَشْجَارِ وَهَدَمَ بَعْضَ الْبِنَاءِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَرْضُ، وَمَا لَمْ يُقْطَعْ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا لَمْ يُهْدَمْ مِنْ الْبِنَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا قُطِعَ وَيُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّةُ مَا قُطِعَ مِنْ الشَّجَرِ وَمَا هُدِمَ مِنْ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَهَدَمَ بِنَاءَهَا ثُمَّ بَنَى فَأَعْظَمَ الْمَنْفَعَةَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ وَيُقَسِّمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهَا يَوْمَ اشْتَرَى وَيُسْقِطُ حِصَّةَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي هَدَمَ الْبِنَاءَ وَيَنْقُضُ الْمُشْتَرِي بِنَاءَهُ الْمُحْدَثَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ):

وَمَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ نَوْعَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَدَلَالَةٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَبْطَلْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا أَوْ سَلَّمْتُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ صَرِيحًا يَسْتَوِي فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ الشَّفِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ، وَحُكْمُهُ لِلْمُشْتَرِي نَحْوُ مَا إذَا عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَتَرَكَ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَكَذَا إذَا سَاوَمَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ اسْتَوْدَعَهُ أَوْ اسْتَوْصَاهُ أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أُوَلِّيكَهَا بِكَذَا فَقَالَ الشَّفِيعُ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَأَمَّا الضَّرُورِيُّ فَنَحْوُ أَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهَذَا عِنْدَنَا وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ وَبَعْدَهُ صَحِيحٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَلِمَ مِنْ أَسْقَطَ إلَيْهِ هَذَا الْحَقُّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا فِي بِنَائِهَا وَأَنَا أُوَلِّيكَهَا بِذَلِكَ وَبِالثَّمَنِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ تَسْلِيمٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.
وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ فِي الْهِبَةِ بِعِوَضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فِي هِبَةٍ بِعِوَضٍ بَعْدَ التَّقَابُضِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَانَتْ بَيْعًا بِذَلِكَ الْعِوَضِ لَمْ تَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ سَلَّمَهَا فِي هِبَةٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهَا كَانَتْ بِشَرْطِ عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ بَيْعًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ إنَّمَا تَصِيرُ كَالْبَيْعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ، وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ تَقَرُّرِ سَبَبِ الْوُجُوبِ بَاطِلٌ.
كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِذَا وَهَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا.
هَكَذَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ إذَا بَاعَ الشُّفْعَةَ كَانَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِلشُّفْعَةِ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي شُفْعَةِ الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ وَسَلَّمَ فَإِذَا الْبَيْعُ بِخَمْسِمِائَةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا قَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ أَحَدٌ أَوْ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ سَلَّمَتْ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ بَعْدَمَا سَلَّمَ الدَّارَ إلَى الْمُشْتَرِي سَلَّمَتْ الشُّفْعَةَ لَكَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ سَلَّمَتْ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِكَ أَوْ لِأَجْلِكَ صَحَّ تَسْلِيمُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ الدَّارِ فَقَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ سَلَّمْتُ لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ صَحَّ التَّسْلِيمُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الدَّارَ إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ التَّسْلِيمُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا مِنْ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ سَلَّمْتُ لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِكَ كَانَ هَذَا تَسْلِيمًا صَحِيحًا لِلْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لَأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ سَقَطَتْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ لِأَجْنَبِيٍّ ابْتِدَاءً سَلَّمْتُ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ لَكَ أَوْ قَالَ أَعْرَضْتُ عَنْهَا لَك لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْت الشُّفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ قَالَ وَهَبْتُهَا لِلْمُوَكِّلِ أَوْ قَالَ أَعْرَضْتُ عَنْهَا لِلْمُوَكِّلِ لِأَجْلِكَ وَشَفَاعَتِكَ.
صَحَّ تَسْلِيمُهُ لِلْآمِرِ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِشَفِيعٍ أَجْنَبِيٍّ سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فَقَالَ قَدْ سَلَّمْتُهَا لَك أَوْ وَهَبْتُهَا أَوْ أَعْرَضْتُ عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ لِزَيْدٍ فَقَالَ قَدْ سَلَّمْتهَا لَك كَانَ هَذَا كَلَامًا خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتهَا لَهُ لِأَجْلِكَ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْتَ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْتُ لَكَ شُفْعَتَهَا أَوْ بِعْتهَا مِنْكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا يَنْطَوِي تَحْتَ الْجَوَابِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَسْلِيمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِذَا قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ فَسَلَّمَ كَانَ تَسْلِيمًا صَحِيحًا وَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَلَوْ قَالَ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الشُّفْعَةُ لِي كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا قَالَ لِلشَّفِيعِ أُصَالِحُكَ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ وَلَمْ يَقُلْ لِي فَقَبِلَ الشَّفِيعُ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْبَائِعِ سَلَّمْتُ لَكَ بَيْعَكَ أَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي سَلَّمْتُ لَكَ شِرَاءَك بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ سَلَّمْت لَك شِرَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ حَتَّى لَوْ قَالَ سَلَّمْتهَا إنْ كُنْت اشْتَرَيْت لِأَجْلِ نَفْسِك فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْبَائِعِ سَلَّمْت لَك الشُّفْعَةَ إنْ كُنْت بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ لِنَفْسِك فَكَانَ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي سَلَّمْت لَك شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ فَإِذَا هُوَ قَدْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ هَذَا تَسْلِيمٌ لِلْآمِرِ وَالْمُخْتَارُ الْمَذْكُورُ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْحَاوِي إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَطَلْت شُفْعَتُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا سَلَّمَ الْجَارُ الشُّفْعَةَ مَعَ قِيَامِ الشَّرِيكِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ لَا يَكُونُ لِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَسَلَّمَهَا فَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ سَلَّمَهَا مَوْلَاهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَتَسْلِيمُ الْمُكَاتَبِ شُفْعَتَهُ جَائِزٌ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِقَدْرٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ فُلَانٍ فَسَلَّمَ فَظَهَرَ خِلَافُهُ هَلْ يَصِحُّ تَسْلِيمُهُ؟ فَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يُنْظَرَ إنْ كَانَ لَا يَخْتَلِفُ غَرَضُ الشَّفِيعِ فِي التَّسْلِيمِ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ غَرَضُهُ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ.
كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةُ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَعِنْدَنَا هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الْأَلْفِ وَإِلَّا فَتَسْلِيمُهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ.
فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ.
فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَمْرٌو وَزَيْدٌ صَحَّ تَسْلِيمُهُ لِزَيْدٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ عَمْرٍو كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ فَسَلَّمَ فَإِذَا الثَّمَنُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَإِذَا الثَّمَنُ صِنْفٌ آخَرُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ مَا ظَهَرَ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ بِأَنْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ دَارٌ فَإِذَا الثَّمَنُ عَبْدٌ فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ مَا ظَهَرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ بِهِ وَغَيْرُ صَحِيحٍ فِيمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ مَا ظَهَرَ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا ظَهَرَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ أَمَّا إذَا كَانَ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُخْبِرَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا شُفْعَةَ وَلَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ شَيْءٌ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ بِشِرَاءِ نِصْفِ الدَّارِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى الْكُلَّ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَلَوْ أُخْبِرَ بِشِرَاءِ الْكُلِّ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ النِّصْفِ مِثْلَ ثَمَنِ الْكُلِّ بِأَنْ أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِأَلْفٍ أَمَّا إذَا أُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ يَكُونُ عَلَى شُفْعَتِهِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ وَلَوْ طَلَبَ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُ لِلشُّفْعَةِ فِي الْكُلِّ اخْتَلَفَ فِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ طَلَبَ تَسْلِيمِ النِّصْفِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا لِلْبَاقِي لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ أَوْ ثُلُثَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ وَمَا بَاعَ شَائِعٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِمَا بَقِيَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الشَّفِيعُ إذَا ادَّعَى رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَنَّهَا لَهُ لَا بِالشُّفْعَةِ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ ادَّعَى رَقَبَةَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَنَّهَا لَهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ صَالَحَ مِنْ شُفْعَتِهِ عَلَى عِوَضٍ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَرُدَّ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَظْهَرُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّ الِاعْتِيَاضِ وَلَا يَتَعَلَّقُ إسْقَاطُهُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى، فَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَسْقَطْت شُفْعَتِي فِيمَا اشْتَرَيْت عَلَى أَنْ تُسْقِطَ شُفْعَتُك فِيمَا اشْتَرَيْت، فَإِنَّهُ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْقِطْ الْمُشْتَرِي شُفْعَتَهُ فِيمَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ، وَإِسْقَاطُ الشُّفْعَةِ بِالْعِوَضِ الْمَالِيِّ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ مُجَرَّدِ الْحَقِّ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ حَرَامٌ وَرِشْوَةٌ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ شَرِيكًا وَجَارًا فَبَاعَ نَصِيبَهُ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ طَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا قَالَ لَيْثُ بْنُ مُشَاوِرٍ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَبْطُلُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاقِفًا مَعَ الِابْنِ فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ عَلَى ابْنِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك وَلَا يَدْرِي عَلَى مَنْ سَلَّمَ سُئِلَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى الِابْنِ أَوْ عَلَى الْأَبِ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْأَبِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ قَالَ عَلَى الِابْنِ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت عَلَى ابْنِي، وَقَدْ بَطَلَتْ شُفْعَتُك وَقَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْت عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ بِبَيْعِ الدَّارِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا أَوْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَدْ ادَّعَيْت شُفْعَتَهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
سَمِعَ الْبَيْعَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ طَلَبْت شُفْعَتَهَا لَا تَبْطُلُ فِي الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَقَالَ النَّاطِفِيُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ كَيْفَ أَصْبَحْت أَوْ كَيْفَ أَمْسَيْت إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ لَقِيَهُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك ثُمَّ طَلَبَ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ (شُفْعَة مراست خواستم ويافتم) فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ سَأَلَهُ عَنْ حَوَائِجِهِ أَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ حَاجَةً ثُمَّ طَلَبَهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ ثَمَنِهَا فَأَخْبَرَهُ بِهِ ثُمَّ طَلَبَهَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
دَارٌ بِيعَتْ فَقَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَبَرِئْنَا عَنْ كُلِّ خُصُومَةٍ لَك قَبْلَنَا فَفَعَلَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ قَبْلَهُمَا شُفْعَةٌ لَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَا يُبْرِئُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَمَضَى فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ فِي السُّنَّةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَتْ السُّنَّةُ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا كَالْأَرْبَعِ قَبْل الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أُخْبِرَ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَوَصَلَ بِهِمَا الشَّفْعَ الثَّانِي لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاجِبَةٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ فِي التَّطَوُّعِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا فَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ تَبْطُلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْمُضْمَرَاتِ الْكُبْرَى.
وَفِي فَتَاوَى آهُو أُخْبِرَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ لَا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ أُخْبِرَ بَعْدَمَا كَانَ قَعَدَ الْأَخِيرَةَ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى قَرَأَ الدَّعَوَاتِ إلَى قَوْلِهِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ثُمَّ سَلَّمَ بَطَلَتْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِيمَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ.
وَفِي النَّوَازِلِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ بِجَمَاعَةٍ فَلَمْ يَذْهَبْ فِي طَلَبِهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالشَّهَادَةِ فِي الشُّفْعَةِ):

الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَبِيعِ أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَدْرِهِ وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي صِفَتِهِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَعْرَفُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ مِنْ الشَّفِيعِ فَيَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ وَكَانَ ذَلِكَ حَطًّا عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ، ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ مَا يَقُولُهُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ وَإِنْ حَلَفَا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَهَا بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي.
إنْ شَاءَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ نَقْدُ الثَّمَنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت الدَّارَ بِأَلْفٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ قَبَضْت الثَّمَنَ وَهُوَ أَلْفٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرْضٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى هَلَكَ الْعَرْضُ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْعَرْضَ حَتَّى هَلَكَ أَوْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبَقِيَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ حَتَّى سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ قَدْرُ قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ قِيمَةَ السَّاحَةِ أَلْفٌ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ جَمِيعًا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالسَّاحَةِ فَإِنَّ السَّاحَةَ تَقُومُ السَّاعَةُ وَالْقَوْلُ فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَبِيعِ فَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِصَفْقَتَيْنِ نَحْوَ مَا الَّذِي اشْتَرَى دَارًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ الْعَرْصَةَ عَلَى حِدَةٍ بِأَلْفٍ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْتُهُمَا جَمِيعًا بِأَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُوَقِّتَا وَقْتًا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشَفِّعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ فَأَتَى إلَيْهِ أَحَدُهُمَا يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي إنِّي اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفٍ فَصَدَّقَهُ الشَّفِيعُ فِي ذَلِكَ وَأَخَذَهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي جَاءَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَالشَّفِيعُ الثَّانِي يَأْخُذُ مِنْ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ نِصْفَهَا وَيَدْفَعُ إلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ وَبَقِيَ فِي يَدِ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ.
وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَقَبَضَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهَا بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ذَكَرَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَدِمَ شَفِيعٌ آخَرُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الدَّارِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخَمْسِمِائَةٍ حِصَّةِ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّفِيعُ الثَّانِي، وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ الْأَوَّلِ إنْ شِئْتَ أَعِدْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْلِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِك وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ الْأَوَّلَ لَوْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَلْفٍ.
فَيَكُونُ بِمُقَابَلَةِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي خَمْسُمِائَةٍ، عَلَى أَنْ أَرْجِعَ عَلَيْك بِخَمْسِمِائَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَعَادَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَلْفٍ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِبَيِّنَتِهِ نِصْفَ الدَّارِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ الثَّانِي لَمَّا عَمِلَتْ فِي نِصْفِ الدَّارِ ثَبَتَ الشِّرَاءُ بِأَلْفٍ فِي حَقِّ ذَلِكَ النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الشَّفِيعُ الثَّانِي لَا فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ الشَّفِيعُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَثْبُتَ الشِّرَاءَ بِالْأَلْفِ فِي النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْخَمْسِمِائَةِ الزَّائِدَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَأَخَذَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِمِائَةٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا فَبَيِّنَتُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا تَقْبَلُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَأَنْكَرَ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-.
وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّا بِهِ وَفِي الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي إحْدَاثَ الشَّرْطِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ تَبَايَعَا فَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ الْبَيْعُ بَيْنَنَا بَيْعَ مُعَامَلَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ لَا يَصْدُقَانِ عَلَى الشَّفِيعِ بَلْ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى جَوَازَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْحَالُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَدْ بِيعَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ لَا يُبَاعُ بِهِ مِثْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُمَا وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فِي الْمُنْتَقَى بَاعَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَائِعُ تَصَادَقَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ جَائِزًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَلَا أُصَدِّقُهُمَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ فَإِذَا زَعَمَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا بِشَيْءٍ أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِنِّي أُصَدِّقُهُمَا وَلَا أَجْعَلُ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةً.
يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ نَحْوَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَجَلًا فَاسِدًا أَوْ خِيَارًا فَاسِدًا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ.
وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْبَيْعِ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُنْتَقَى فَقَالَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْتَنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ صَدَقْت لَمْ أُصَدِّقْهُمَا عَلَى الشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ هَذَا هُوَ لَفْظُ الْمُنْتَقَى وَجَعَلَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُنْتَقَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ كَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَعْتَبِرُ هَذَا الِاخْتِلَافَ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِخَمْرٍ لَا جَوَازُ لَهُ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ فِي عَقْدٍ لَهُ جَوَازٌ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ وَكَذَّبَهُمَا الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَكَذَّبَهُمَا فِيهِ الشَّفِيعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
اشْتَرَى عُشْرَ الضَّيْعَةِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ثُمَّ بَقِيَّتَهَا بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْعُشْرِ دُونِ الْبَاقِي فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ إبْطَالَ شُفْعَتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ تَلْجِئَةً فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ خَصْمٌ، وَهُوَ تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إبْطَالَ الشُّفْعَةِ لَهُ ذَلِكَ أَيْ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ كَانَ تَلْجِئَةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْأَجْنَاسِ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِي الصَّغِيرِ وَأَنْكَرَ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ أَنْكَرَ أَنَّ لَهُ ابْنًا يَحْلِفُ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا، وَقَدْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْخُصُومَةِ وَقَبِلَ تَسْلِيمَ الدَّارِ وَهُوَ خَصْمٌ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ امْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا إلَّا مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ عَلَيْهَا إنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ وَالدَّارِ فِي يَدِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَ يَجْحَدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يَجُرَّانِ إلَى أَبِيهِمَا مَغْنَمًا وَلَا يَدْفَعَانِ عَنْهُ مَغْرَمًا وَإِذَا شَهِدَ.
الْبَائِعَانِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمَا كَانَا خَصْمَيْنِ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي وَمَنْ كَانَ خَصْمًا فِي شَيْءٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَصْمًا أَمَّا ابْنَاهُ فَمَا كَانَا خَصْمَيْنِ فِي هَذِهِ الدَّارِ هَذَا إذَا شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَأَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْأَبِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ لَمْ يَدَّعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَمِيعًا بَاعُوهَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ وَجَحَدَ الشَّرِيكُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الشَّرِيكِ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَيْ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَأَقَرَّ بِهِ الشُّرَكَاءُ جَمِيعًا فَشَهَادَتُهُمْ أَيْضًا بَاطِلَةٌ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِشِرَاءِ دَارٍ أَوْ بَيْعِهَا فَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ وَشَهِدَ ابْنَا الْمُوَكِّلِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَبِيهِمَا بِتَقَرُّرِ الْمِلْكِ لِأَبِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ الْبَائِعَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَالشَّفِيعُ مُقِرٌّ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَشَهَادَةُ الْبَائِعَيْنِ بَاطِلَةٌ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ أَوْلَادِهِمَا كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمْ أَعْلَمْ بِالشِّرَاءِ إلَّا السَّاعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ شَهِدَ الْبَائِعَانِ أَنَّهُ عَلِمَ مُنْذُ أَيَّامٍ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ الدَّارَ قُضِيَ بِهَا لِلَّذِي فِي يَدِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَفَلَ رَجُلَانِ بِالدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَنَّ الشَّفِيعَ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعَيْنِ فِي ذَلِكَ لَا تَقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِأَلْفٍ آخَرَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشَّفِيعِ بِأَلْفٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ هَذَا الْمُشْتَرِي بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَالْقَاضِي يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ الدَّارَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعَرْضِ فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ أَلْفٌ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ رَجَعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَرْضِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَرْضِ إلَى تَمَامِ الْأَلْفِ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ أَلْفًا حَتَّى وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَهْرِ مِثْلِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَلِلشَّفِيعِ نِصْفُ الدَّارِ وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسَمِائَةٍ وَلِي ثُلُثَا الدَّارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الْهَالِكِ.
وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ ذَلِكَ الْحَقِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الدَّارُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَتِهِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَحْدَثْت فِيهَا هَذَا الْبِنَاءَ وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، وَعَلَى هَذَا اخْتِلَافُهُمَا فِي شَجَرِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُحْتَمَلًا حَتَّى إذَا قَالَ أَحْدَثْت فِيهَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَحْدَثْت فِيهَا هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَاعَنِي الْأَرْضَ ثُمَّ وَهَبَ لِي الْبِنَاءَ أَوْ قَالَ وَهَبَ لِي الْبِنَاءَ ثُمَّ بَاعَنِي الْأَرْضَ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْتهمَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الْمَبِيعُ بِلَا بِنَاءٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ لَمْ أَهَبْ لَك الْبِنَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ بِنَاءَهُ وَإِنْ قَالَ قَدْ وَهَبْته لَك كَانَتْ الْهِبَةُ جَائِزَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ لِي هَذَا الْبَيْتَ مَعَ طَرِيقِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ اشْتَرَيْت بَقِيَّتَهَا وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتَ الْكُلَّ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيمَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْهِبَةِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ الْهِبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهَا تُثْبِتُ زِيَادَةَ الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِبَةِ الْبَيْتِ لِلْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْحُقُوقِ وَقْتَ شِرَاءِ الْبَاقِي وَالْجَارُ يَقُولُ لَا بَلْ كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْهِبَةِ وَلِيَ الشُّفْعَةُ فِيمَا اشْتَرَيْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ جَحَدَا الْبَائِعَ هِبَةَ الْبَيْتِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي فِيمَا قَالَ كَانَ الْبَيْتُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِ الشُّفْعَةِ فِي الدَّارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ شِرَاءِ الدَّارِ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الدَّارِ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارَيْنِ وَلَهُمَا شَفِيعٌ مُلَاصِقٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَأَنَا شَرِيكُك فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا بَلْ اشْتَرَيْتَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلِيَ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِشِرَائِهِمَا وَذَلِكَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الْحَقِّ ثُمَّ يَدَّعِي حَقًّا لِنَفْسِهِ بِدَعْوَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَذَلِكَ كَ إذَا قَالَ: اشْتَرَيْت نِصْفًا ثُمَّ نِصْفًا وَقَالَ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت الْكُلَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت رُبْعًا ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَلَكَ الرُّبْعُ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْت ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ ثُمَّ رُبْعًا فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِشِرَاءِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ وَهُوَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ حَقِّ الشَّفِيعِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُسْقِطُهُ وَهُوَ تَقَدُّمُ الرُّبْعِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَالَ الشَّفِيعُ اشْتَرَيْت نِصْفًا فَأَنَا آخُذُ النِّصْفَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْكُلَّ أَوْ يَدَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ بِطَرِيقِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُنْذُ شَهْرٍ قَضَيْت بِالْبَيْتِ لِصَاحِبِ الشَّهْرِ ثُمَّ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ شُهُودَ صَاحِبِ الْبَيْتِ قَضَيْت بِالْبَيْتِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَقَضَيْت بِبَقِيَّةِ الدَّارِ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى كُلَّهَا وَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَبْقُ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُتَلَازِقَتَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا مُنْذُ شَهْرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى الْأُخْرَى مُنْذُ شَهْرَيْنِ، قَضَيْت لَهُ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ مُنْذُ شَهْرَيْنِ كَمَا وَقَّتَ شُهُودُهُ، وَجَعَلْت لَهُ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتَا قَضَيْت لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَارِهِ وَلَمْ أَقْضِ بِالشُّفْعَةِ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْآخَرُ وَلَوْ وَقَّتَ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تُوَقِّتْ الْأُخْرَى قَضَيْت لِصَاحِبِ الْوَقْتِ بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.